عجائز هذه المدينة يا كافكا

عجائز هذه المدينة، يا كافكا، هم أولئك الذين يتعالون على قانونهم العضوي والبيولوجي، متوهمين أن الزمان لا سلطة له عليهم. ورغم تقدمهم في العمر، فإنهم يخدعون أنفسهم وبالقوّة، ويقدمون أنفسهم كنخبة حية، عبر تبني أفكار تناقض منطق الحياة ذاته، ومواجهة كل من يحاول التفكير بأسلوب قد يمسهم بسوء.
إنه الصراع العميق بين عالم راكد يجري تجميله، وعالم يخالفه، رغم ضعف قواه، ويخضع لقوانين معمولة بما يتناسب مع رغبات هؤلاء العجائز. فهم يعتبرون المدينة ملكاً لهم، بكل ما ومن فيها. وهذا يخلق جواً كابوسياً يهدد أولئك الذين ينشدون حياة فعلية، كما هو شأن المجتمعات المعروفة بالتقدم والرخاء.
وهو ما نتلمسه من خلال الشخصية الرئيسة في الرواية، التي تنقل إلينا مشاهد غريبة تكشف عن سلوكيات هؤلاء العجائز الذين يواجهون حقيقة طعنهم في العمر، وهم يستمرئون وهماً، يستمرون من خلاله في قمع كل مغاير لما يمثلونه. وطالما استمروا في إدارة شؤون المدينة بهذه الصورة المريعة، فإن الحياة ستكون في أدنى درك اعتباري لها، وإلى أجل غير مسمى بالمقابل، أي في حكم المجهول.